في الذكرى السنوية الأولى لرحيل المجاهد الزاهد السيد هاشم النور الموسوي
إذا كان من واجب أيّ أمة من أمم الأرض أن تحتفي بذكرى رجالها الذين سخروا حياتهم في العمل من أجل تحقيق طموحاتها في الحياة الحرّة والكريمة ، فمن حق الراحل المجاهد السيد هاشم النور الموسوي علينا أن نستذكره ونعزز تفاعلنا مع ما تركه من إرث كبير في مفاهيم العمل الرسالي والبناء الفكري للإنسان وللأمة ، خاصة ونحن نعيش أوضاعاً سياسية وإجتماعية مضطربة تستوجب منا أن ننهل من معين ما تركه سيدنا الراحل من طروحات تنويرية ومفاهيم فكرية تمكننا من تجاوز كل ما أفرزته الظروف الصعبة التي مرّت على العراقيين خلال الأعوام السابقة من قتل مجاني وتهجير ومواجهات دموية مع عصابات التكفير الداعشية .. إن إستذكارنا لرحيل المفكر السيد هو إستذكار لمسيرة عمل جهادي طويلة .. لرجل نذر حياته ووجوده لخدمة الإسلام والعراق من خلال مسيرته الجهادية وهذا ما لم نجده إلا في القلة من أمثاله . كان السيد أبو عقيل شديد التواضع بسيط الملبس وقوراً في مشيته وحديثه ، يتعامل مع كل المحيطين به بلطف ، فنال بذلك محبة جميع من عرفه عن قرب .. كان كل همه ومراده أن يسخر حياته للأمة وللدين القويم ويحرص على مشاركة الآخرين همومهم ويسعى لتشخيص ما يحقق تطلعاتهم وأمانيهم ، كما كان حريصاً أشد الحرص على أحوال شعبه ومستقبلهم وبذل ما يستطيع أن يبذله من أجل تقديم النصح والتوجيه والعون ، ولم يدخر جهداً في سبيل خدمة الحركة الاسلامية وخلق روح المؤاخاة والتقارب بين كافة مكونات شعبه وهذا ما تشهد عليه وساطاته في حل الخلافات السياسية التي كانت تحدث في العراق .
إن من يقرأ سيرة المجاهد أبي عقيل تستوقفه الكثير من الإشرااقات والقيم العليا التي كان يحملها الجسد النحيل لهذا الرجل ، ولعل من أبرز ما تجسده شخصيته الفذة أنه لم يكتفِ بما كان يقدمه من جهد وجهاد في عمله كقائد في حزب الدعوة منذ تأسيسه ، وإنما يجد فيه الأنموذج الرائد في مجال الفكر والتنظير والتأليف فقد كتب رحمه الله أكثر من 120 كتاباً ضمت نحو 150 ألف صفحة ، وانتشرت كتبه في 8 ملايين ونصف المليون نسخة في كافة أنحاء الدول الإسلامية ، وقد ترجمت مؤلفاته لـ 27 لغة ، وكانت مؤلفاته تُعنى بمناهج السيرة والتاريخ والأخلاق والفقه وعلوم أهل البيت ويصدرها عن "مؤسسة البلاغ" التي كان يديرها ولم يكتب عليها إسمه مكتفياً بـ "لجنة التأليف" أو "مؤسسة البلاغ" وهذا دليل آخر بائن على مدى تواضعه ونيته الخالصة في ما يقدمه قربة لله تعالى وخدمة للإسلام والمسلمين .
قدم السيد الموسوي "رحمه الله" الكثير في سبيل المذهب والوطن فقد تعرض للاعتقال من قبل نظام البعث الكافر وقدم شقيقين من أشقائه ضمن قافلة الآلاف من شهداء الدعوة ، وعانى كثيراً في هجرته عن الوطن التي قضاها في الكويت وإيران فكان وعلى الرغم ممّا يعانيه من مرض وفاقة ملتزماً وأميناً على الدعوة التي تسلَّم قيادة أمانتها العامة ، يهتم بشؤون الدعاة في المهجر ويواصل توجيهاته للدعاة في الداخل غير آبه بمرض أو عوز مادي .
هكذا كان سيدنا الجليل الراحل أبو عقيل .. وهكذا رحل عنا تاركاً إرثاً غزيراً في التواضع والنقاء وصدق العقيدة .
لقد فقدنا فيه قدوةً ترك بوفائه وإخلاصه ذكراً طيباً في قلوب أخوته وأبنائه الدعاة وكل من عرفه وتعامل معه .. فقدناه في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إليه ..
رحم الله فقيدنا ومعلمنا السيد أبا عقيل .. وحشره الله تعالى مع أجداده في أعلى عليين .
الداعي إليكم بألخير
السيد صباح النور
2017/11/18


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق